قصة وردة الياسمين - الحلقة 1

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
الحلقه 1

"يقولون ان الانطباع الاول يدوم ولكن مخطئون"

الحلقه الاولي
تتسرب اشعه الشمس من خلف الستائر الحريريه الرقيقه لتعلن عن بدء يوم جديد
تمدد شيئا فشيئا من خلف الستائر الي الكرسي الفخم المطرز بنقوش اثريه
تدل علي عراقته
 ومن ثم الي تلك المنضده الفخاريه التي
تحتل فوقها مزهريه من الكريستال وبها بضع الورود الطبيعيه ذات الرائحه الخلابه
وفي النهايه تتحرك الي ذلك السرير الذي يتوسط الغرفه
لتدخل رويدا رويدا الي تلك العينين التي كانت في سبات عميق اما الان
تحاول ادراك ما حولها
وكذلك الاذنين تحاول تميبز الاصوات فشيئا فشيئا
ادرك الشخص النائم ان الصوت المجاور له هو صوت المنبه
تحركت احدي يديه ببطئ شديد واغلقت ذلك الشئ اللعين بالنسبه له
ازاح غطاء فراشه وتثائب بعد ما حاول مد جسده واستنشاق بعض الهواء المنعش

دخل سريعا الي مرحاض غرفته وخرج بعد دقائق بمنشفه تحيط خصره واخري فوق راسه
وتحرك علي بعض خطوات ليدخل حجره صغيره في حجرته يطلق عليها ساكني هذا المنزل دولاب

اختار بدله رسميه بلون رمادي وقميص ابيض ورابطه عنق مزيج بين الاثنين
واختار ذلك الحذاء الاسود الكلاسيكي الطراز
لم يستغرق الا دقيقه لارتداء ملابسه فشخص مثله اعتاد علي هذا الفعل واصبح روتينه كل يوم
ومن غير ” مراد منصور السيوفي”   يعتاد علي هذه الافعال
ابن منصور السيوفي صاحب شركات السيوفي للمفروشات الشرقيه التي تحتل مكانه بين الشركات
والتي استطاع ان يجعلها من اهم الشركات في الوطن العربي

تحرك ليقف امام المرٱه ليضبط رابطه عنقه ثم خرج من تلك الحجره وتناول هاتفه
وحقيبه حاسوبه الالي ليخرج من غرفه نومه الي ذلك الممر المفروش بالسجاد وعلي الحائط عده صور لكبار العائله
واصحاب المقامات والمراكز الهامه وكانه ليس بحائط عادي انما هو حائط الابطال
تمني ان تحفر صورته فيه ذات يوم

هبط من الدرج الي اسفل ليجد والدته تشرف علي مائده الفطور
سوسن الشناوي سيده المجتمع وصاحبه الاملاك ومن عائله ذات مركز مرموق هي الاخري
في العقد الخامس لكن من ذا الذي يلاحظ هذا ؟!
فرغم تقدم عمرها الا انها لازالت بجمال الفتيات في منتصف العشرين
تتميز بالصرامه والجديه وطيبه القلب ايضا
لم تمتلك من الاولاد الا مراد
كان هو وحيد العائله ووريث عائله السيوفي

رغم وحدته الا انه لم يحظي بقدر من الرفاهيه التي تجعله يشعر بالتميز
عندما اتم الحاديه عشر اخذه والده منصور معه الي الشركه ليبدا معه اساسيات العمل
منصور السيوفي هذا الرجل الصلب قاسي المظهر والطباع وعلامات الجديه والجمود دائماتحتل خلجات وجهه
اراد تاسيس ولده منذ الصغر علي هويته في الكبر
جعله نسخه مصغره منه وكأنه اراد ان ينقل له جميع خبراته ليصبح خليفه يوما ما
وكيف لا فهو الابن الوحيد لمملكه السيوفي عليه حقا ان يكون جدير بهذا الكيان

تحرك رويدا رويدا الي والدته امسك يديها ليقبلها
مراد : صباح الخير يا امي
سوسن :صباح الخير يا مراد الفطار جاهز اتفضل يلا
مراد: بابا خرج صح
فاطمه : لسه من دقايق مدير الشركه ورغم ده لازم يكون قبل كل الموظفين اول واحد يدخلها
“عشان تدعي للنظام لازم تكون انت اول  واحد مطبقه ”
قالها مراد وهو يبتسم فقد كانت هذه الجمله اول جمله اخبره بها والده عندما خطت قدمه الشركه
لم ينسي ابداااا كلماته ولا ما تعلمه منه طوال سنينه
سحب الكرسي القابع امامه وشرع في اعداد شطيره من الجبن والتهمها سريعا
ثم احتسي قهوته وهب واقفا ليمضي في طريقه الي الشركه
تبعته سوسن بنظرها متمتمه : زي ابوك يا مراد ولا كنت بقدر عليه ولا هقدر عليك
ارتدي نظارته السوداء و
ادار محرك سيارته لينطلق سريعا خارج الفيلا الي

شركه السيوفي للمفروشات

_______________________
ياصبااااااااح الروقاااان ياصبااح الي بتغني
رددتها تلك الفتاه ضئيله الحجم جهوره الصوت التي اقتحمت ذلك المكان فجاه
وايقظت النائم فيه

قد كان هذا مخبائهم الدائم من برد الشوارع ووحيواناته
وكان ايضا مقر عملهم الذي يراسه معلم ”عطوه”

اول من اهتز كيانه لهذا للصوت ذلك الطفل الصغير الذي يبلغ من العمر احدي عشر سنه
والذي ردد سريعا : ورد انتي جيتي
تحركت الفتاه اتجاهه
ورد بسعاده  : ايوون يا بندق والله وليك وحشه عامل ايه
قاطع حوارهم دخول احد الفتيات من الموجودين في المكان التي تردد بسخريه
اهلا ست الحسن اهلا ست ورد الي تغيب تغيب وترجع بمزاجها
نظرت لها ورد باشئمزاز وتنهدت و من ثم قالت : اصطبحي يا لوزه وقولي يا صبح مالك بيا
اذا كان المعلم عطوه نفسه مبيسالش بتحشري نفسك ليه
لوزه بغيظ: ما انا نفسي افهم ساكت عليكي ليه ومستحمل قرفك ليه
ورد محاوله استفزازها: ما تروحي تقوليله بتساليني انا ليه.. مسم
وتحركت لتكون في مواجهتها وتضم يديها امام صدرها  وترفع احد حاجبيها بمعني هاتي ما عندك

استشاطت لوزه وخبطت قدميها في الارض لتخرج من المكان سريعا

بعدها جلست ورد وتعالت ضحكاتها مع بندق المتابع للحديث

بندق : احسن افحمتيها دي بت رخمه اووي
ورد: سيبك منها ويلا علي شغلنا عطوه بيسكت عليا عشان الفلوس الي بجبها غير كده
هيطردني ويطردك من هنا
بندق بالم : وهو ايه الفرق بين هنا والشارع  يعني
ورد وامسكت كتفي بندق : الفرق ان ده ليه سقف يحمينا من المطر
وقت البرد بنتلم جمب شويه حطب احسن ما انا نموت بره
موجودين سوا ومطمنين مش احسن ما الشرطه تيجي تلمنا من الشارع وتجرجرنا في الاحداث

بندق بابتسامه سخريه : اهو كله عذاب
ضربت ورد راس بندق وحملت صندوق العمل الذي يحتوي علب المناديل لتقول اثناء سيرها
افصلني من اليوم عصبح يا بندق ما هي نقصالك هي
يلا عشان لو عطوه مطردناش هيبقي سيد دراعه اليمين
انجز ويلا
بندق : يلا بينا رزقي ورزقك علي الله
تحركت بسرعه من المخبا واخذت تمشي مع بندق في عده شوارع جانبيه حتي وصلت الي شارع عمومي كبير
وضعت ذلك الصندوق وشرعت في اداء عملها من اجل كسب المال

فهذا ”عطوه” ياخذ منهم كل قرش في مقابل عيشهم داخل هذا المخبا
اطفال تفتحت اعينهم علي الشارع.. الشارع وفقط واصبح هو الملجا والمهر
 ولقبهم
اطفال الشوارع
___________________
زفر مراد من ضيقه فقد اصبح اسير زحمه السير اللعينه
حاول الفرار منها كثيرا لكن لم يجد مفر فالسيارات تحاوطه من جميع الاتجاهات
ولكن لمح ببصره ذلك الشارع الجانبي الذي حاول الوصول اليه مع حركه السيارات البطيئه
وفجاه تحركت السيارات قليلا واستطاع اخيرا التحرر من اسره
واخذ يسير في طريقه الا ان وجد اشاره مرور فوقف منتظر ذلك الضوء الاخضر
يستمع الي صوت المحرك وعينيه علي تلك الاشاره وجميع خلاياه في وضع الاستعداد للانطلاق

3_2_1
 وها قد ظهر اللون الاخضر وفي اللحظه التي كان سينطلق بها استطاع ببراعه ضغط الفرامل
ليستطيع تفادي تلك الفتاه التي ظهرت من العدم امامه  تحيط بطفل وتجذبه الي الرصيف
ظل ينظر امامه جاحظ العينين وانفاسه تعلو وتهبط
كانت فتاة ترتدي جلباب رث كلمه لا يصلح للاستخدام الآدمي تبدو لطيفه لوصفه
تحيط شعرها بحجاب ويبدو من هيئتها انها من الصعيد ربما او ليست بقاهريه انما تعمل بالارض
وجهها يبدو كانه لم يعرف الماء منذ اسابيع
وجدها تعود الي الرصيف  وتمسك بذاك الطفل وتئنبه
اشار اليها لتأتي اليه
فحركت يديها علي نفسها دلاله علي عدم الاستيعاب
ولكن اكد لها بامائه من راسه فتقدمت نحوه
واتجهت نحو زجاج السياره لتستمع اليه
فتح مراد زجاج سيارته فاقتربت الفتاه
فامسكها من ياقه الجلباب جاذبا اياها داخل الشباك وردد بحنق

مراد: المره الجايه هدوسك بجد اصل التمثيل ده مش عليا
لما يقلب جد ابقي الحقي نفسك بقي

رغم انها لم تري تعبير وجهه الحانق الا انها شعرت من كلامه بالخوف وتمثل ذلك في اصفرار وجهها
ورعشه شفتيها وعدم قدرتها علي الحديث

ابعدها عن سيارته وابتسم ابتسامه سخريه ليتحرك بسيارته
ولينظر من المراه علي تلك الطفله ليجدها تبصق امامها  في اتجاهه
اغتاظ من فعلتها اوقف السياره سريعا فاحدث صوت
خلع نظارته وفتح باب السياره وترجل منها

 وشعرت الفتاه بالخوف من الصوت

واخذت تسعل  وتحدث نفسها : يالهووووي ده راجعلي تاني
يارب الارض تنشق وتبلعني

اخذت تتأمل القادم نحوها ذلك الشخص طويل القامه ذو الاعين السوداء
المهندم في ملابسه والذي يبد عليه الهيبه وانه كما يطلقون علي الاغنياء ”اولاد ذوات”
ملامحه تعلوها البرود لا تستطيع ان تستشف منها اي مشاعر او معرفه ما يدور بداخل عقله

تقدم نحوها وهي تحاول التحرك للخلف الا ان
 توقف عند سماعه صوت الطفل وهو يتحرك للامام
ويمسك تلك العصا ويحركها يمينا ويسارا فقد كانت المفاجأة له انه اعمي
بندق بخوف:وررررد وررد انتي فيين
تحركت بنظرها الي بندق
قالت بصوت اشبه بالهمس من هذا الماثل امامها : انا هنا يا بندق
مراد وقد لانت ملامحه قليلاا: هو؟؟ ولم يستطع الحديث
 ففهمت ورد انه يريد ان يقول
هواعمي؟
ورد باضطراب: ايوه
وصل بندق لورد :فينك يا بنتي اخدتي كام من الراجل الي نادي عليكي
ومرجعتيش ليه

عندما لم يجد صوت من ورد اكمل حديثه بنبره تحمل معني الاسف

انتي لسه زعلانه مني عشان مسمعتش كلامك لما قلتيلي متمشيش الاشاره هتفتح حالا
متزعليش مني يا ستي العتب علي النظر
واخذ يضحك ليحاول المصالحه بينهم لكن لم يكن يعلم ان مراد هو الواقف امامه وهي خلفه

لم تجد ورد ما ترد به لذلك تحدث مراد
مراد ببرود : لا انا كنت بشتري منها علبه مناديل
تعالي يا ورد هاتي علبه

ورد بدهشه: هااا؟

اقترب مراد منها واخذ احد العلب ومد يده لها بورقه بفئه المئة
مراد وقد رفع احد حاجبيه : ها ايه مش اسمك ورد برده
ورد ومازالت تحت تأثير الصدمه : بس مش معايا فكه
مراد: مفيش مشكله قالها وهو يتحرك الي سيارته
ابتسمت ورد واخذت تقفز وهي تمسك بندق
ورد : واد يا بندق عارف قبضت كام ؟؟ 100 جنيييييه
ده انا هعزمك علي حوواشي النهارده
ثم اقتربت منه وقالت بس اوعي تعرف عطوه فاهم

بندق بسعاده: لا هو انا مجنون وانا اساسا اعمي مشفتش اخدتي كام
واحيانا اطرش مسمعتش منك حاجه
ابتسمت ورد وتعالت ضحكاتها : تعجبني وانت مفتح نفوووخك
بندق : ده انتي دايما حظك فله
ورد : هتنق ولا اييييه خليها اصطباحه فله
يلا نكمل شغل وبطل تعدي بين العربيات غير لما اقول انا فاهم
المره دي لحقتك العربيه كان خلاص هتفرمك المرع الجايه هسيبها تعملك كفته
بندق : حرمت يا باشا
ورد : يلا
ومضيا في طريقهم لتجهيز علب المناديل
وكان مراد يتامل هذا الموقف حتي اختفيا من نظره
فارتدي نظارته مره اخري  واعاد اشغال سيارته
وانطلق الشركه

_______________________
مرت عده ايام وكانت تعمل ورد فيها مع بندق بجد ولا تكل لا وجود للراحه في عملها
احيانا يعبر مراد من ذلك الشارع الذي رآها فيه لكن لم يجدها
فشخص مثل عطوه لا يقوم بتوظيف اطفاله في مكان دائم
 بل يعتمد علي تغيرهم في كل يوم ومن شارع لاخر
وفي اوقات مختلفه

الا ان اجتمعا مره اخري في يوم غير مصير الاثنان

كان مراد  عائدا  من عمله مساءا وفجاه وجدها تلك الطفله التي لمست جانب من الحنان بداخله
لمح طيفها وهي تنتقل بين السيارات لتحاول كسب عيشها
لكنها لم تلحظه وكانت في الرصيف المقابل له
فوجد نفسه يصف سيارته جانبا وخرج سربعا باتجهاها
لتُصدم هي بوجوده امامها

ورد: س س سياده الباشا اهلا بيك عايز مناديل يا بيه

مراد ببروده المعتاد : اه العلبه خلصت اتفضلي وهاتيلي واحده بقي
وجدت ورد ورقه من فئه المئه مره اخري احست ان مراد كالكنز الثمين لها
كم هو شخص كريم يأتي لمساعدتها دوما وبطريقه لاتجرحها

اعطته المناديل ولاول مره تنظر في عينيه بنظره شكر وامتنان
الذي شعر بها هو الاخر واحس انه ولو بجزء بسيط اشعرها بالسعاده

تحرك الي سيارته وعندما فتح الباب تفاجأ من اختفاء حاسوبه وشنطه عمله
جحظت عيناه وتكورت يداه كانه علي استعداد للكم احدهم
ورررررررررررد قالها بصوت جهوري سمعته ورد وانتفضت في مكانها
 لتنظر ورائها تجده انه هو مصدر هذا الصوت
تحركت باتجهاهه ولا تدري لما هو غاضب هكذا

ورد باضطراب: خير يابيه
مراد بانفعال الشنط فين ما هو مش معني اني كريم معاكي تستغفلوني
ورد: شنط ايه يا استاذ
امسكها من ياقه فستانها وقربها نحو وهو يقول من تحت اسنانه:
 مش مراد السيوفي الي علي اخر الزمن بنت تسرقه
ما هو مش اغيب دقيقه عن عربيتي ارجع ما الاقيش حاجتي

ورد وقد تجمعت الدموع في عيونها: والله يا بيه ما اعرف حاجه
انا كنت بشتغل وانت الي جيت اخدت مني مناديل
هسرق امته طيب ؟!
والله ما عملت حاجه

مراد بغضب : ما هو انتو عصابه حد يغفل الزبون والتاني يسرق
لو منطقتيش هنا وقلتيلي يبقي يلا علي القسم وهو يعرف يجيبكم بمعرفته


0 تعليق على موضوع "قصة وردة الياسمين - الحلقة 1"


الإبتساماتإخفاء