قصة أحببت مسيحياَ - الحلقة 1

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
الحلقة 1
 ماريا

إسمي ماريا إبراهيم عبد الله الدريني
عُمري 18 عام
وُلدت لأبِ مَصري و أُمِ لُبنانية
جدتي لوالدي من أصل فلسطيني
أقطُن في دولة الإمارات العربية
أحمل ملامح لُبنانية و جنسية مصرية و طبائع إماراتية
أُشكل في ذاتي وحدة عربية
..
أعيش في الإمارات تحديداً الشارقة مع والدي ووالدتي و أُختي الصُغرى و الوحيدة مريم وجدتي لوالدي
, والدي وحيد يأبى أن يترك جدتي وحدها بـ ِمصر بعد وفاة والده نظراُ لمُعاناتها بضعف في عضلة القلب , يُصر على بقائها معنا دائماً رغم الخلافات الدائمة و المُتكررة بينها و بين والدتي

كلاهُما تحمل ضغينة للأُخرى و لهُم طبائع مُختلفة
ثمة أشياء تجمع بينهُم حُبهم الوفي لوالدي و لنا , و سماعهُم لـ السيدة فيروز صبيحة كُل يوم
أثناء تناولهُم الفطار و فنجان القهوة الداكنة

ترى والدتي أنها لا تتصرف بحرية في وجود جدتي
فـ نقدها لاذع إزاء تصرفاتها
أمُي تُسمى ديمة تُنعتها دائماً جدتي بـ ديبة
فيثير ذلك غضبها كثيراً
أما جدتي فـ ترى والدتي لا تُناسب وحيدها
فهي طبيبة مِثله , في نظرها ينبغي على المرأة أن تكون أقل في مستوى التعليم من زوجها ;
حتى لا تتساوى بِه , أرى تفكيره:شرقي أكثر من والدي
,حججها واهية. في حقيقة الأمر أرادت لأبي إبنة أُختها و تُدعى آمال
أما أبي على حد قولها خيب املها و تزوج من أُمي
أُداعب جدتي و أُخبرها أنه رُبما لم أكُن حفيدتها إذا تزوج من إبنة خالته
تغضب و تقول لأأ .. انا إبنة أبي و كُنت سأكون إبنته مهما كانت زوجته
فـ أضحك مِلء فمي

تُذكرني علاقة أُمي و جدتي بـ ماري مُنيب في فيلم الحماوات الفاتنات
تدرون أصبحت أعشق مُشاجراتهم
إكتسبت أمُي كلمات باللهجة المصرية حتى تستطيع الرد على جدتي و كذلك جدتي
كم هو مُضحك أن تتخلى كلتاهما عن لهجتها حتى تستطيع الأُخرى فهمها
في النهاية أجد أُمي تتشاجر بالعامية المصرية و جدتي باللهجة اللبنانية
لك أن تتخيل الموقف ..
تكون مُشاجراتهم مُسلية بالنسبة لي
مُشاجراتهم روتينية و مُستمرة لا يمنعها أي ظرف , حتى يوم ميلادي أهدتني أُمي سلسلة ذهب يتتدلى منها الصليب فـ نهرتها جدتي و أبت أن أرتديه , خلعته حتى لا أُثير حفيظتهُم و إحتفظت بِه في صندوق خشبي يُشبه التُحف الأثرية إبتعته أثناء زيارتي لدُبي
..

أبي رُجل مُتحضر كُليةً , رغماً عنك تجذبك شخصيته , مُتحرر من كُل شئ
وطنه و عاداته و لهجته و دينه , إنفصل تماماً عن شعائره لا يُقيمها
أما والدتي فتحرص دائماً على زيارة الكنيسة كُل أحد .. هي كنيسة وحيدة بمنطقتنا , أجدها أحياناً كثيرة تقف أمام صورة العذراء تُصلي لها .. أصرت على تسمية أُختى على إسمها , تحفظ سورة من القُراءن تُسمى ( مريم )
..

أنهيت لتوي دراستي للمرحلة الثانوية بمجموع كبير في نظري يؤهلني لدراسة الطب
أود أن أكون مثل والدتي طبيبة أمراض نِسا و لكن كلاً من والدي ووالدتي يُريداني أن أتخصص بالجلدية
حتى لا أتعرض للحالات المُفاجئة أي ما يُسمى في لُغة الطب ( النبطشيات )
..
ننتظر فقط تنسيق شهادات المُعادلة
نُسيت أن أخبركُم يُريد والدي ان أدرس بـ مِصر خصيصاً جامعة القاهرة مثله
بالفعل اتاني تنسيقي بجامعة القاهرة
لم تسعني فرحتي فـ ها أنا أُكمل مسيرة والدييّ
يوماً ما سأبني مشفى كبير و أُسميه الشِفاء

أرسل أبي مالاً لأمال
( فهي الوحيدة من أقاربنا تقطُن بالقاهرة )
لتدبر أمر السكن استأجر لنا شقة بـ المنيل حتى أكون قريبة من جامعتي ( فـ شقة جدتي بـ حي دير الملاك ) فلا أضطر لقيادة سيارة ,
سأعود انا و جدتي للعيش بالقاهرة فلا أستطيع المكوث وحدي
القاهرة بالنسبة لي متاهة كبيرة .. لم أرها سوى بِضع مرات في حياتي , بالنسبة لي صارت الشارقة بلادي و صارت القاهرة غُربة ,
مُعظم عُطلاتنا قضيناها بالأُردن حيث أقارب أُمي
فـ هُم هجروا لُبنان أثناء حروبها و استوطنوا الأُردن

في ظُهر يوم الثُلاثاء مطلع شهر سبتمبر نقف بصالة بالمطار
أودع أبي و أُمي و مريم
مريم لا تتأثر كثيراً , صغيرة هي على إدراك كلمة وداع تبلُغ من العُمر إحدى عشر عاماً
أما أبي حُزنه كامن بعينيه لفُراقي أنا و جدتي
تبكي أُمي لفراقها لي و رُبما لإعتيادها لجدتي .. رأيت والدتي تُعانق جدتي و تُخبرها أنها ستشتاقها و أطرقت تُقبل يديها , ولأول مرة أسمع جدتي تقول سأشتاقك ديمة
فرحت أُمي لسماعها إسمها من جدتي
أعطتني أُمي صورة للعذراء و أوصتني أن أضعها بغُرفتي ليُباركني الرب
إنطلقت الطائرة بِنا
وصلنا مطار القاهرة الدولي وجدت إبنة خالة والدي هي و إبنتها بإنتظارنا
أطلقت ضحكة عندما رأيتها
عندما تذكرت إصرار جدتي عليى تزويجها لأبي
توقعت ان تكون آمال فاتنة في الجمال لكنها طبيعية الملامح , أُمي تفوقها جمالاً و هيئة .. أُمي تُشكل لوحة زيتية جميلة أبدع رسامها فيها
أثناء سلامنا وجدت شاباً يتغزل فيّ و يُردد رقم هاتفه
بعدها وجدت شاباً وسيم , طويل خمري البَشرة يضربه ضربات خفيفة على أُمة رأسه
إستدار له وتعانقا عناقاً حاراً
ضحكت من منظره وهو خجِل مني
إنطلقنا بعدها إلى شقتنا
وجدناها مُهيأة بطريقة فاخرة .. وتم تنظيفها بعناية
جلست آمال مع جدتي و جلست انا مع إبنتها تُسمى ورد طالبة بالسنة النهائية من كُلية الآثار وحيدة والدتها فـ والدها توفي وهي في الخامسة من عمرها و لم تتزوج آمال وفاءاً لذكراه
تعارفنا و أرسلت لها طلب إضافة على حسابها الخاص بالفيس بوك
إجتماعية كثيراً ورد .. عزمتني على نُزهة نيلية و دخول فيلم سينمائي يوم الخميس
أخبرتني أيضاً أنها أعدت لي برنامج سياحي شامل بقية أيام العُطلة
أشعر أن حياتي هُنا ستحوي الكثير من الفرحة

...
مينا
إسمي مينا سمير مينا شنودة
عُمري 18 عام
وُلدت لأبِ و أُمِ مصريين
والدي مُهندس بترول ووالدتي ربة منزل بدرجة إمتياز
نقطُن بالمملكة العربية السعودية بمنطقة الدمام حيث آبار البترول
انا ووالدي والدتي و أخي ماجد و التوأم ماري و مارينا
نعيش في جو أُسري مُترابط .. لا يُنغص حياتنا سوا عدم ادائنا لشعائرنا
أشتاق كثيراً للصلاة بالكنيسة , لا يوجد كنائس بالمملكة إنها دولة إسلامية من الدرجة الأولى
ترتدي أُمي النقاب رغماً عنها حتى لا يراها أحد مُتطوعي هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المُنكر
و يُردد بصوت غليظ : غطي وجهك يا حُرمة
..
أنهيت لتوي دراستي للمرحلة الثانوية
بفضل الرب مجموعي كبير أهلني لمنحة بجامعة الملك سعود بالرياض
أترجتني أُمي أن أدرس بها على الأقل ستراني في نهاية كُل إسبوع لكني آثرت الدراسة بمصر
أتاني التنسيق بكُلية الطب جامعة القاهرة
سأقطَن وحدي بشقتنا بـ حي فيصل , لا تستطيع أُمي ترك والدي وحده
.
أشتاق كثيراً للعودة لمصر , أشتاق لهويتي المطموسة بالمملكة
تحدد موعد سفري , توديع إخوتي و والديّ لي كان موجِع ; فتلك أول مرة نفترق فيها
لكن ألمي كان اخف منهم دائماً المُتجه لـ جهة أُخرى يكون سعيداً نوعاً ما
..
جلست بمقعد يحمل رقم 38 ذكرني بتاريخ ميلادي اليوم الثامن من شهر مارس فـ انا مواليد بُرج الحوت رجُل يُحب المثالية إلى حد ما
إنطلقت الطائرة .. بعد ساعتين إنطلق صوت أُنثوي رقيق يُعلن عن وصول الطائرة إلى مطار القاهرة الدولي
أنهيت إجراءات الوصول و خرجت إلى صالة الوصول .لمحت هاني إبن خالتي
( أنهى دراسة الصيدلة و يعمل بشركة أدوية خاصة بإبن عم والده ) وجدته , يُعاكس فتاة تُنافس القمر بجمالها .. ذهبت إليه لم ينتبه فـ ضربته ضربات على رأسه إستدار على إثرها لي و تعانقنا عناقاً دوّب سنين بُعدنا و الجفاء الناتج عنها , فرحت لرؤيته كثيراً
أخذني بعدها لشقتهُم . أقسم بالعذراء و المسيح و الصليب و كُل رموز ديانتنا
أني لن أبيت يوماً واحداً بشقتي وحدي قبل بدء الدراسة
ذهبت معه إلى شقتهم بـ حي الزمالك
أثناء توجهنا بسيارته .. حكى لي الكثير و الكثير
وصلنا إلى العمارة من حُسن حظناً وجدنا مكاناً أسفلها لـ ركن السيارة
دلفنا من باب العمارة , و كعادة هاني يُناغش حارس العقار العم عبدُه
فـ يضحكان . أخبره هاني أني مينا إبنة خالته . إحتضنني قائلاً : العيال كِبرت
رجل بسيط حفر الزمن على وجهه قِصة كفاحه
صعدنا درجات العمارة ببطء .. فـ الحقائب ثقيلة نوعاً ما
ما إن دلفنا من باب الشقة حتى أتت خالتي مهرولة حاضنة إياي تتشممني
قائلة : بِسم الصليب تُشبه ماجدة كثيراً
إنزاحت خالتي من امامنا لإعداد الغداء فـ وجدت صليباً مُعلق على الحائط خلفها
إتجهت نحوه أتلمسه , ضحك هاني مُهللا : هل تنصرت مؤخراً , تُذكرني بـ الأفلام المصرية الهابطة كثيراً
ضحكت لدُعابته , بعدها نهرته خالتي و أمرتنا بأن نُساعدها بإحضار المائدة
تتفوق خالتي كثيراً عن أُمي في إعداد الطعام ,مُتفرغة هي لـ تربية أبنائها و مُشاهدة قنوات الطبخ . و ذلك بعد تسوية معاشها و وفاة زوجها العم يوسف , أكلت بنهم , و إستمتاع من مذاق الأكل و مُشاجرات هاني و خالتي مجيدة
سألتهُم عن هانيا أخبروني أنها بـ تدريبها الصيفي الخاص بـ كٌلية الهندسة
هانيا مُهندسة معمارية بالفرقة الثالثة . أراها عبقرية فذة , أرادت دخول كُلية من كُليات القِمة حتى يسهُل عليها الهجرة , لها أفكار غريبة نوعاً ما , ترى أن الأقباط مهدور حقهم في بلادنا ,, ما إن أخبرتك عن حياتنا بالمملكة .. أُمي ترتدي الحجاب و أحياناً النقاب ,
أنتهينا من تناول غدائنا و دخلت بعدها لأخُذ حمام يُريحني من عناء السفر

شقة خالتي مُنمقة بعناية عدا غُرفة هاني فوضوية كثيراً لكن تحمل طابعاً مرحاً
تنتحنح هاني قائلاً : سنشترك في توضيب غُرفتي
إنت شريكي بها ولا بُد من تنظيمها .. هاني رغم فارق العُمر بيننا إلا أنه يُشعرني و كانه بـ مثل عُمري
.....

بقلم شروق عبد العزيز

0 تعليق على موضوع "قصة أحببت مسيحياَ - الحلقة 1"


الإبتساماتإخفاء